Menu

عن الشعوب المُحاصَرة 

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

مع الارتفاع الهائل لحالات الموت بفيروس كورونا المستجد حول العالم، وسقوط قطاعات طبية بأكملها بضغط أعداد الاصابات الكبيرة، بات الحديث عن الانكفاء للذات والاعتزال والاستسلام للمخاوف ترف غير متاح أمام البشرية، فهناك حاجة حقيقية لنهوض المجتمعات وعبر أفرادها وقواها الذاتية، بما يغطي تلك الفجوة الهائلة التي تركها تقصير الدولة الرأسمالية الغربية وأذرعها في العالم الثالث. 

في مناطق محاصرة ومهددة ومحتلة، ك فلسطين وفنزويلا وإيران وكوبا، تُظهر الشعوب في كل يوم مسؤولية كبيرة وشجاعة استثنائية في مواجهة المرض، هذا ما تعكسه مبادرات مجتمعية قامت عليها قوى وفعاليات سياسية ومجتمعية لبذل الجهود باتجاه مكافحة انتشار المرض أو تيسير قدرة الطواقم الطبية على مواجهته. 

المبادرات النشطة في قطاع غزة المحاصر باتجاه تعقيم الأماكن العامة ورفع الوعي الصحي بخطورة المرض وسبل الوقاية منه، هي دروع متقدمة لهذا المجتمع واحتياج أساسي لمنع انتشار المرض، لا تعبر فقط عن وعي المبادرين والمتطوعين، ولكن عن حيوية هذا المجتمع وجودة معدنه، هذه النماذج بحاجة لتطوير وتوسيع ورفد بطاقات جديدة، بما يكفل خلق حالة حصانة حقيقية في وجه المرض، وتعزيز فرص نجاة أهلنا منه، بجانب الحاجة لمبادرات مماثلة، فيما يتعلق بدعم قدرة الأسر الفقيرة على مواجهة احتمالات منع الحركة أو أي اجراءات أخرى قد تزيد الأعباء على وضعهم الاقتصادي الهش، إلى جانب ذلك، هناك أهمية خاصة لمناقشة الأداء والإجراءات الرسمية والحكومية المتبعة، وهي نقاشات لا زالت ممكنة نسبيًا في مجتمعنا الفلسطيني، بما في ذلك ضرورة الذهاب عاجلًا نحو خطوات استثنائية وإجراءات كبرى لمنع انتشار المرض، ذلك عوضًا عن خوض هذا النقاش في وقت لاحق لا ينفع فيه الندم. 

خلال التجربة العالمية مع المرض تتجه معظم التوجهات الغربية لاعتبار مواجهة المرض واحتمالات العدوى مسؤولية فردية تقع على عاتق الأفراد، فيما قدمت النماذج المقهورة والمحاصرة نماذج عن المسؤولية الجماعية والتضافر، وفي مقابل نصائح التباعد الاجتماعي جسديًا، على أهميتها، تبدو نصائح التقارب والتكافل والتعاضد الاجتماعي معنويًا لا تقل جدارة وأهمية لرد هذا المرض.